أشعر بالحنين إلى النيران، إلى النجوم، إلى أشياء كثيرة أخرى. أوه، انظر من القادم، يا لهذا الشعر الأشقر والأجعد على رأسها، كالبنات اللاتي يجذبنني بالفعل، كما كنّ حقّاً يجذبن أيضاً صديقي غويدو. ما أجمل ميس هذه الخطى، ستكون أمامي بعد برهة.
سأشير إليها بالتحيّة، لا شيء مثير حقّاً، إشارة وكفى. فهي لن تراني، في كلّ الأحوال. جميل أن أرى الآن كثيراً من الناس وقد عادوا إلى هنا حولي. لأنّ أمراً جللاً لا بدّ أنّه حدث في العام الماضي في هذه المدينة، أو ربّما في جميع أنحاء العالم، ولم أفهم ما هو. كأنّ تهديداً غامضاً كان قد جاء، ولا أحد يعرف من أين جاء، أثقَلَ الهواء فجعله غير صالح للتنفّس. لم يكن يوجد أحد هنا. كانت أبواب جميع المتاجر تقريباً مغلقة، وأضواء واجهات المتاجر مطفأة، ثمّ حطّت طيور النورس فوق الساحة، كأنّها بقع بيضاء وسط غبار الظلام.
لم يكن أحد وقتها قادراً على الدخول إلى الكاتدرائيّة أو إلى المعموديّة. بينما كان المارّة القليلون يخفون وجوههم، كانوا يضعون قطع قماش زرقاء أو بيضاء على وجوههم، وكلّ منهم منزو لوحده، كأنّه يخشى الاقتراب من الآخرين. فكّرت حينها وقلت في نفسي إنّه نوع من الكرنفال، كرنفال شديد عنيف، كرنفال الموت.
هذا لا يعني أنّني أحبّ الصخب، والحشود، واختلاط اللغات كاختلاطها في بابل، ممّا يجري حولي الآن من جديد. لا، بل هو من أجلهنّ، من أجل الجميلات الموجودات وسط الحشود، من أجل قسماتهنّ التي يمكنني أن أراها مرّة أخرى. كثيرات هنّ الجميلات، وهنّ مختلفات، لا ينقطعن أبداً عن تجريح قلبي.